100 عام على لوزان
100 عام من المقاومة

تأثير معاهدة لوزان على الشرق الأوسط وخاصة على الشعب الكردي
lausanne

100 عام على لوزان
100 عام من المقاومة

الفهرس:

  • الوضع السياسي وقت إبرام المعاهدة
    • بداية بناء الهوية الوطنية التركية
    • ماذا حدث قبل معاهدة لوزان
    • معاهدة لوزان
  • الشعب الكردي مقسم إلى أربع دول:
    • تركيا
    • سوريا
    • العراق
    • إيران
    • دور حزب العمال الكردستاني
  • حلنا: الأمة الديمقراطية

نريد من خلال هذا المقال أن نظهر عواقب معاهدة لوزان بعد 100 عام من توقيعها، لا سيما في أراضينا في الشرق الأوسط. بصفتنا وحدات حماية المرأة نرى الحاجة إلى نشر هذه الأفكار لأننا نعتقد أن العديد من التهديدات التي تواجهنا وتستوجب منا الدفاع عن أنفسنا ظهرت مع بروز الدول القومية في الشرق الأوسط. لقد كان النضال والمقاومة ضد الدول القومية في بلادنا الدافع لوضع اقتراح الكونفدرالية الديمقراطية من قبل قائدنا عبد الله أوجلان، والذي شكّل أساس الثورة التي نحن جزء منها.

ما عواقب ظهور الدول القومية داخل أرضنا؟ كيف تتناسب مع منطقة تضم العديد من الثقافات والأمم المختلفة التي تتقاطع في فسيفساء ملونة؟ كيف يتم النظر إلى الأقليات العرقية أو الثقافات الأخرى غير ثقافة الدولة القومية وكيف تتم معاملتهم هنا؟ ما هي أشكال المقاومة التي تمارس وما هو القمع والعنف والمجازر التي تمارس ضد أولئك الذين يقاومون؟ أخيراً ما البدائل التي تمكنت هذه المقاومة من وضعها؟ إلى أي مدى يمكننا أن نجد الإجابات على احتياجات الانسانية التي تمرفي أزمة وفق البدائل المبنية هنا؟ لهذا من المهم أن نبدأ بتحليل التاريخ.

الوضع السياسي وقت إبرام المعاهدة

إنه عام 1923. انتهت الحرب العالمية الأولى قبل خمس سنوات بتفكك الإمبراطوريات النمساوية المجرية والعثمانية والروسية والألمانية متعددة الجنسيات. تبرز الدول القومية باعتبارها الشكل الوحيد للحكم في أوروبا ذات السياسات الاستعمارية القوية. أصبح بينيتو موسوليني للتو رئيسا للوزراء في إيطاليا وبدأ هتلر في دخول السياسة في ألمانيا. قبل بضع سنوات، أشعلت ثورة أكتوبر في روسيا آمال الطبقة العاملة في العالم. في تركيا مصطفى كمال أتاتورك، الذي سيصبح أول رئيس لجمهورية تركيا في أكتوبر من ذلك العام، يشق طريقه إلى الجمعية الوطنية التركية.

بداية بناء الهوية الوطنية التركية

نشأت الشعوب التركية في كازاخستان الحالية وتنتمي إلى المجموعة المعروفة باسم “الهون” التي انتقلت إلى الأناضول في القرن 11 الميلادي. في عام 1910، لم تكن الشعوب من أصل تركي تشكل غالبية سكان أراضي تركيا الحالية. كان الأذريون واللاز والأكراد والشركس واليونانيون والأرمن والآشوريون واليهود حاضرين. على وجه الخصوص، كانت جزيرة قبرص، والسواحل المواجهة للبحر الأبيض المتوسط وجزء من تلك التي تواجه بحر قزوين، وكذلك بعض المناطق الداخلية، يونانية في الغالب، وكان الجنوب الشرقي في الغالب كرديا، والشمال الشرقي في الغالب أرمنيا. لم يكن لدى الإمبراطورية العثمانية، على الرغم من احتفاظها بخصائص استبدادية وغير ديمقراطية عميقة، نهج الدولة القومية الذي بموجبه يجب أن تتميز الدولة بلغة واحدة ودين وعرق وأمة واحدة. وكانت الإمبراطورية العثمانية من بين الخاسرين في الحرب العالمية الأولى وعلى وشك الانحلال.

كان هدف الحركات القومية التركية، بقيادة تركيا الفتاة التي ينتمي إليها مصطفى كمال، هو بناء دولة قومية مثل تلك الموجودة في أوروبا. في أعقاب فكرة وجود إقليم متجانس عرقيا، نفذت الإمبراطورية العثمانية بين عامي 1915 و1919 عمليات إبادة جماعية ضد 3 شعوب مختلفة على الأقل: أولا، ضد السكان الأرمن، مما أدى إلى مقتل 1.5 مليون شخص في عمليات الترحيل وما بعدها. حتى الآن، لا تعترف الدولة التركية بهذه الأحداث على أنها إبادة جماعية. بعد ذلك مباشرة، أسفرت الإبادة الجماعية ضد الشعب اليوناني (خاصة تجاه – ولكن لا تقتصر – الأقلية اليونانية البنطينية) عن ما بين 289,000 و 750,000 ضحية، في حين أسفرت الإبادة الجماعية ضد الشعب السرياني عن مذبحة راح ضحيتها ما بين 275,000-750,000. تم تنفيذ عمليات الإبادة الجماعية هذه بشكل رئيسي من قبل مجموعة “تركيا الفتاة”، التي كان مصطفى كمال أتاتورك عضوا فيها. كانت هذه المجموعة تضع الأساس لتأسيس الجمهورية التركية المستقبلية. من المثير للاهتمام كيف على الرغم من أن الدافع وفقا للعديد من المؤرخين كان قوميا أكثر منه دينيا، فقد تم تنفيذ الاضطهاد الأول ضد الجماعات غير الإسلامية.

ربما يرجع ذلك إلى أن الجنسية التركية لم يتم تعريفها بعد بشكل كاف لتحديد “الآخر” بشكل مقنع بطريقة غير دينية. تشبه هذه الأعمال الإبادة الجماعية النازية من نواح كثيرة. في الواقع، دعا هتلر أتاتورك بسيده. من المنطقي أن تكون هذه الإبادة الجماعية، مثلها مثل تلك التي ستحدث في أوروبا بعد بضع سنوات، مرتبطة بميلاد الدولة القومية: شكل من أشكال الحكومة الإقليمية التي لا تقبل سوى جنسية واحدة داخل نفسها. لهذا السبب، من أجل وضع الأساس لبناء الدولة القومية التركية، كان من الضروري في البداية إبادة السكان من مختلف الأديان والثقافات والاعراق من الدولة.

ماذا حدث قبل معاهدة لوزان

في عام 1916، أرست اتفاقية سايكس بيكو (وتسمى أيضا “اتفاقية آسيا الصغرى”) الأساس للتقسيم الاستعماري للشرق الأوسط، مع تقسيم أراضينا بين مناطق نفوذ القوى الاستعمارية الفرنسية والبريطانية، دون أي اعتبار على الإطلاق للاختلافات العرقية واللغوية والقومية والدينية القائمة. عندما اجتمع برلمان الإمبراطورية العثمانية للمرة الأخيرة، في 28 كانون الثاني، 1920، أقسموا يمينا (أو اتفاقا) يسمى الميثاق الملي، والذي اقترح (من بين أمور أخرى) حدود الدولة التركية التي لم تكن موجودة بعد، لتشمل قبرص، والجزء الشمالي من سوريا، والعراق حتى الموصل. حتى في المستقبل لن تكون الدولة التركية كبيرة كما هو موصوف في “الميثاق الملي”، ولكن منذ ذلك الحين، حلم القوميون الأتراك بتحقيق تلك الحدود.

بعد هذا مباشرة، في 10 آب 1920، تم توقيع معاهدة سيفر بين المنتصرين في الحرب العالمية الأولى وألمانيا والإمبراطورية العثمانية. في هذا الاتفاق تم تقسيم تركيا إلى مناطق نفوذ وتم طرح إمكانية وجود كردستان، وهي منطقة صغيرة في أقصى الجنوب الشرقي من تركيا الحالية. توخت المواد 62-63-64 من هذه المعاهدة بناء منطقة تحت الحكم الكردي، وكلفت لجنة متعددة الجنسيات بتعيين حدودها، وألزمت تركيا بالخضوع لقرارات هذه اللجنة. في عام 1921، وقعت مكونات الجمعية الوطنية التركية اتفاقية كارس مع الاتحاد السوفيتي، والتي تحدد الحدود بين تركيا وجمهوريات أرمينيا وأذربيجان وجورجيا. وقد كرس هذا في الواقع تحالفا بين تركيا الوليدة والاتحاد السوفيتي، مما زاد من قوة المساومة لتركيا، التي ستعلن قريبا أنها لا تعترف باتفاقية سيفر، مما يتطلب مؤتمرا آخر.

بدأ هذا المؤتمر في تشرين الثاني 1922 في لوزان، سويسرا، وحضرته بريطانيا (ترأسه اللورد كرزون)، وفرنسا (بخطاب ريموند بوانكاريه)، وإيطاليا (بخطاب بينيتو موسوليني)، والجمعية الوطنية التركية. أظهر عصمت إينونو (أحد مؤسسي الدولة التركية والرئيس الثاني لتركيا، بعد مصطفى كمال)، ممثل الجمعية الوطنية التركية، عنادا كبيرا، لدرجة رفض التوقيع على الاتفاقية النهائية بعد 11 أسبوعا من المؤتمر، بحيث تخلى اللورد كرزون في شباط 1923 عن الأعمال، وتركها دون نتيجة فعالة. بعد ذلك، قدمت تركيا اقتراحا جديدا وفي آذار 1923 أعيد افتتاح المؤتمر. بحلول 24 تموز، 1923، تم التوقيع أخيرا على معاهدة لوزان.

معاهدة لوزان

فتح توقيع معاهدة لوزان الباب أمام إنشاء دول قومية في الشرق الأوسط، ولا سيما تركيا. بالطبع، لم يكن هناك اعتراف بنا، نحن الشعب الذي يعيش في المنطقة، وتحديدا المنطقة المأهولة تاريخيا بالأكراد (كردستان) لم يتم الاعتراف بها بأي شكل من الأشكال. وكانت النتيجة النهائية تقسيم كردستان إلى دول تركيا وإيران والعراق وسوريا.

أعلنت المعاهدة العفو عن الأحداث التي وقعت بين عامي 1914 و1920 (مثل الإبادة الجماعية ضد الأرمن واليونانيين والآشوريين) وبهذه الطريقة أعلنت ضمنيا أن طرد ومذبحة الجماعات العرقية قانوني. ومن المثير للاهتمام، في كانون الثاني 1922، تم التصديق على معاهدة سمحت بترحيل السكان اليونانيين (المسيحيين) من الأراضي التركية وسمحت في الوقت نفسه بنقل السكان المسلمين في اليونان إلى تركيا. الأعراق الأخرى غير التركية التي تم الاعتراف بها في المعاهدة كانت يونانية وأرمنية ويهودية. نصت المعاهدة على عدم التمييز ضد الأقليات الدينية. ومع ذلك، لم يتم ذكر الشعب الكردي. على الرغم من أنه ذكر صراحة أن (المادة 39) “[…] لا يجوز فرض أي قيود على الاستخدام الحر لأي مواطن تركي لأي لغة في الاتصال الخاص أو في التجارة أو الدين أو في الصحافة أو في المنشورات من أي نوع أو في الاجتماعات العامة […]” هذه التنازلات في الممارسة العملية لا تنطبق على الشعب الكردي.

أعيد رسم حدود تركيا، وألغيت مناطق النفوذ الخارجية داخل الأراضي التركية التي كانت موجودة في اتفاقية سيفر. كانت أراضي تركيا أصغر من تلك الموصوفة في الميثاق الملي، ومع ذلك لا يزال مصطفى كمال يعرف معاهدة لوزان بأنها “انتصار دبلوماسي لم يسمع به في التاريخ العثماني”. أوروبا التي كانت الفاشية تكتسب فيها أرضية أعطت تركيا الضوء الأخضر لاستكمال البناء المصطنع للهوية التركية وإخراج كل أولئك الذين لا يتطابقون مع هذه الهوية من الطريق. في الاتفاق، لم تكتب كلمة كردي أو كردستان مرة واحدة (على الرغم من أن الأكراد كانوا من أكثر المجموعات العرقية اكتظاظا بالسكان في المنطقة). في الواقع، لم تتم الإشارة إلى ذلك الشعب الذي يبلغ عمره آلاف السنين.

الشعب الكردي مقسم إلى أربع دول

مع معاهدة لوزان وجد الشعب الكردي نفسه مقسما إلى 4 دول (تركيا وسوريا والعراق وإيران). كما وجدت الشعوب الأخرى الحاضرة (السريانية والأرمنية والشركسية واللاز وغيرها) نفسها منقسمة ومحبوسة في كيانات حكومية لم ولا تعترف بجنسياتها. وفي كثير من الحالات، وجدت الأسر نفسها مفصولة بحدود، غير قادرة على العودة إلى التجمع. وجدت بعض المدن (مثل نصيبين / قامشلو أو جيلان بينار / سري كانيه) نفسها مقسمة إلى قسمين بسبب الحدود الجديدة.

تركيا

بعد معاهدة لوزان، كان الهدف الرئيسي للحكومة التركية، بناء على أفكار مصطفى كمال، هو استيعاب جميع الثقافات التي لم تكن تركية. قال عصمت إينونو: “مهمتنا هي تحويل كل من يعيش داخل الحدود التركية إلى تركي”، وكان أحد شعارات الجمهورية المشكلة حديثا “كم أنا سعيد لكوني تركيا”. على وجه التحديد، هذا يعني أنه داخل الأراضي التركية كان من الضروري حب التركية. تنص المادة 103 من قانون العقوبات التركي على عقوبة تتراوح بين ستة أشهر وسنتين لأي شخص يحقّر علنا الأمة التركية وجمهورية تركيا والجمعية الوطنية الكبرى لتركيا وحكومة جمهورية تركيا والأجهزة القضائية للدولة.

من الآن فصاعدا، كل ما هو غير تركي سيتحول إلى تركي أو يمحى، بما يتماشى مع التفسيرات الأكثر فاشية لفكرة الدولة القومية. كل من أراد دخول العمل أو النظام التعليمي يحتاج إلى معرفة اللغة التركية. في عام 1980، تم حظر اللغة الكردية في المجالين العام والخاص: ليس فقط في المكاتب العامة أو في الشوارع، ولكن أيضا في المنزل. تم حظر الأسماء الكردية والكلمات الكردية وكردستان. تم حظر الملابس والتقاليد، بما في ذلك الاحتفال المهم بعيد النوروز (العام الجديد في الاعتدال الربيعي). أحرقت القرى وتم ترحيل السكان الأكراد قسرا إلى أجزاء أخرى من تركيا بغرض الصهر. ووضعت المناطق التي يسكنها الأكراد تحت الأحكام العرفية. استمرت اعتقالات السياسيين والفنانين والصحفيين الأكراد بلا هوادة. وذهب محو الهويات الأخرى إلى حد الادعاء بأن العرق الكردي غير موجود وأن الأكراد كانوا مجرد “أتراك الجبال” وأن الاسم مشتق من الصوت الذي تصدره الأحذية عند المشي في الثلج.

هذا على الرغم من حقيقة أن السكان الأكراد هم من أقدم السكان في المنطقة (الاسم الكردي مشتق من كور-تي ، بمعنى “قادم من الأماكن المرتفعة” وله أصول سومرية) بينما هاجر السكان الأتراك ، كما هو موضح من قبل إلى المنطقة مؤخرا نسبيا فقط. وفي مواجهة هذا التمييز، استمرت مقاومة الشعب الكردي. كانت هناك أحداث بطولية، وفي العديد من الحالات لعبت النساء دورا هاما. انتفض الناس عشرات المرات. في كثير من الحالات، كان زعماء القبائل هم الذين قادوا الانتفاضات كما في حالة انتفاضة الشيخ سعيد في منطقة ديار بكر، حيث تم شنق 600 من مثيري الشغب، وتم ترحيل 500,000 شخص وقتل حوالي 300,000 مدني.

مثال آخر هو التمرد في ديرسم، وهي مدينة كردية ذات أغلبية علوية (شكل من أشكال الإسلام لا يزال يحتفظ بالعديد من آثار الزرادشتية القديمة) التي لم تقبل السلطة المركزية منذ زمن الإمبراطورية العثمانية وتعرضت للاضطهاد بشكل خاص بسبب إيمانها. تضمن القمع الذي أعقب هذه الانتفاضة الكثير من إراقة الدماء لدرجة أن نهر منذر الذي يمر عبر المدينة قد تغير لونه إلى اللون الأحمر (تختلف الأرقام من 15الف إلى 47الف قتيل). اغتصب الجنود الأتراك النساء الكرديات مرارا وتكرارا، لدرجة أن الآلاف ألقوا بأنفسهم من الجبال حتى لا ينتهي بهم المطاف في أيديهم.

سوريا

وإذا نظرنا إلى عواقب لوزان في الجمهورية العربية السورية، يمكننا أن نرى أنه حتى لو أخذت سوريا اسمها من المجموعة العرقية السريانية الموجودة في المنطقة، فإنها لا تزال تسمي نفسها عربية، وتسعى إلى تعريب جميع الشعوب في أراضيها. في سوريا يتواجد الشعب الكردي بشكل رئيسي في المنطقة الواقعة بالشمال، بالقرب من الحدود مع تركيا.

اتخذت حكومة البعث قرارا بإنشاء “حزام عربي” في تلك المنطقة. ونقل بعض السكان العرب وأجبر السكان الأكراد على الهجرة بينما تمت مصادرة ممتلكاتهم. تم سحب الجنسية من الكثير من السكان الأكراد في عام 1962. ولا يمكن للأكراد الذين لا يحملون الجنسية أن يتمتعوا بنفس الحقوق في العمل والدراسة التي يتمتع بها المواطنون العرب. وزعت الدولة السورية الضروريات الأساسية بسعر منخفض على مواطنيها، بما في ذلك الماء والكهرباء: لم تصل هذه الفوائد إلى السكان عديمي الجنسية. تم السماح بالمشاركة في البرنامج المدرسي ولكن دون الحصول على شهادة. كان من المستحيل على عديمي الجنسية الحصول على الأراضي والمساكن. في المناطق ذات الأغلبية الكردية، تم تخفيض فرص العمل والتعليم على أي حال إلى الحد الأدنى، وتم تحويل أسماء جميع المكاتب والمدارس وما إلى ذلك إلى اللغة العربية. في سوريا، مجزرة السينما في بلدة عامودا مشهورة. كانت السينما مليئة ب 500 طفل عندما اشتعلت فيها النيران: 283 فقدوا حياتهم. كانت أبواب السينما مقفلة، ولم يستطع أحد فتحها. على الرغم من ذلك، لم تجر الحكومة أي تحقيق.

العراق

في العراق، تم سحب الجنسية من الأكراد في عام 1979، وهي نفس الفترة التي تم فيها اضطهاد وترحيل الأكراد المنتمين إلى قبيلة فيلي من الأراضي العراقية. تم طرد 200 كردي ينتمون إلى هذه القبيلة من الأراضي العراقية بين عامي (1961و1970). في مذبحة الأنفال، التي نفذتها حكومة البعث العراقية في جنوب كردستان، تم استخدام الأسلحة الكيميائية على نطاق واسع، لدرجة أنه وفقا للأرقام المحلية قتل 182الف شخص، وجرح عشرات الآلاف أو أصيبوا بإعاقات، وأجبرت 220781عائلة (1021758شخصا) على مغادرة منازلهم.

ومن الأمثلة المهمة على ذلك مقاومة ليلى قاسم، وهي طالبة كردية من جنوب كردستان. وقبل أن تقتلها نظام البعث في العراق، قالت: “اقتلني، لكن كن على دراية بحقيقة أنه بقتلي سيستيقظ آلاف الأكراد من نوم عميق”. كانت هناك عشرات المجازر وعمليات الترحيل في الأجزاء الأربعة من كردستان، نحن نرجع إلى القراءات المستقبلية لتحليل أكثر اكتمالا.

إيران

في إيران، شمل القمع ضد الشعب الكردي عمليات الإخلاء، وتدمير المنازل، والإهمال الاقتصادي للمناطق التي يسكنها الأكراد، والاعتقالات التعسفية، والاضطهاد. وعقوبة الإعدام، والتي في الكثير من الحالات يتم شنق النشطاء الأكراد.

دور حزب العمال الكردستاني

كل هذه الانتفاضات والتمردات تظهر مرة أخرى صمود الشعب الكردي ومقاومته للاندماج وكفاحه. فلماذا إذن فشلت هذه الانتفاضات؟ أحد الأسباب هو أنه بسبب تقسيم الشعب الكردي بين 4 دول، فإن انتفاضاتهم مجزأة. الانقسامات، سواء بين القبائل المختلفة أو التي تمليها حدود الدولة، تعني أن نضالاتهم لم تصبح واحدة ولهذا السبب تم قمعها واحدة تلو الأخرى. علاوة على ذلك، كان هناك نقص في وجود قائد قوي يمكنه المضي قدما باقتراح قوي. وعلى هذا المنوال، حدث تقدم مهم مع تأسيس حزب العمال الكردستاني في عام 1978 من قبل عبد الله أوجلان وبداية كفاحه المسلح في عام 1984.

وللمرة الأولى، لم يكن هذا تمردا مرتبطا بقبيلة أو مقتصراً على إحدى الدول الأربع، بل كان ثورة أوسع. لقد نجحت حرب الكريلا في إعطاء القوة والأمل لشعب بأكمله. يتراوح القمع وخاصة من قبل الدولة التركية ضد هذا الحزب، من التعذيب في السجون، إلى حرق قرى الفلاحين الذين دعموا الثوار، والآن إلى استخدام الغاز السام وما إلى ذلك. في ظل الظلم الذي تمارسه الدول، وفي ضوء تاريخ شعبنا، تمكن القائد الشعبي عبد الله أوجلان أخيرا، من خلال مشروع الأمة الديمقراطية، من اقتراح حل سلمي لا يقوم على بناء الدولة، وينجح في الحفاظ على مختلف الهويات العرقية والثقافية الموجودة واحترامها.

حلنا: أمة ديمقراطية

ما نراه هنا هو أن شكلا من أشكال القوة – الدولة القومية – التي لم تكن أصيلة في الشرق الأوسط قد تم استيرادها إلى أراضينا. بعد مائة عام، تثبت الحروب الدائرة هنا أن الدول القومية القائمة على أيديولوجية أمة واحدة لدولة واحدة، تفشل في إحلال السلام في منطقة تختلط فيها الشعوب والأعراق والأمم الموجودة في فسيفساء ملونة. في تركيا، لا يزال أردوغان يفكر في قسم “الميثاق الملي”، ولا يزال يعلن أنه في يوم من الأيام ستكون الموصل وقبرص تحت سيطرته، ويحلم بمجد الإمبراطورية العثمانية. لهذا السبب تحتل تركيا عفرين وسرى كانية وكرى سبي. وفي تلك المناطق تقوم تركيا بتغيير ديموغرافي من خلال عمليات الترحيل القسري والتطهير العرقي. هذه الدول القومية التي فرضت حدودها وخصائصها علينا، بنت هويتها على الدم على الإبادة الجسدية والثقافية لمختلف الشعوب الحاضرة. لقد قتلونا ليس فقط بطريقة جسدية. عندما نفكر فيمن نحن وما الذي يشكل هويتنا، فهو تاريخنا ولغتنا ورقصاتنا وطعامنا وأساطيرنا وفننا وأخلاقنا. محو ذلك هو محو لهويتنا. وهذا يرقى أيضا إلى قتلنا. هذا هو السبب في أن الدول القومية التي فرضت من الخارج تعني الموت بالنسبة لنا. بعد 100 عام نحن بحاجة ماسة إلى حل آخر، حل غير حكومي. في ثورة شمال وشرق سوريا، نبني ديمقراطية بلا دولة تشكل بديلا ملموسا للدولة القومية.

اليوم، تمارس شعوب شمال وشرق سوريا حلا سلميا، لدرجة أن الهدوء النسبي للمناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا يجذب السكان الفارين من أجزاء أخرى من سوريا. في الأشهر الأخيرة، قدمت الإدارة الذاتية اقتراحا ملموسا من 9 نقاط لسوريا ديمقراطية، وهو اقتراح ملموس لحل الأزمة بصوت الشعب. وعلى الرغم من ذلك، فإن ما يسمى بمحادثات السلام التي تجري في جنيف برعاية الأمم المتحدة وكذلك في أستانا (كازاخستان) بمشاركة روسيا وإيران وتركيا وسوريا، لا تشمل مشاركة الأشخاص الذين يعيشون في مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا. وبهذه الطريقة يفتقرون إلى وجهات نظر الأشخاص الذين يقدمون حلول سلام ملموسة على أرض الواقع.

تشير حلول السلام الملموسة هذه إلى نموذج الأمة الديمقراطية الذي وصفه عبد الله أوجلان. أمة تجد فيها جميع الجنسيات مكانها وتعبر عن ألوانها. أمة يمكنها التنظيم من الاسفل لتلبية احتياجاتها. أمة لا تصبح دولة. أمة تضع تحرير المرأة في مركزها ومن خلال هذا تبني مجتمعا بيئيا وديمقراطيا قائما على أخلاقيات الشعب وقدرته على تقرير المصير. تحدث الثورة ليس فقط عن طريق الممارسات التنظيمية، ولكن أيضا في طريقة فهم الحياة. ثورة تأخذ جذورها من جذور الإنسانية، في إشارة إلى الوقت الذي لم يكن فيه أباطرة بعد، ولا اضطهاد بين الجنسين، ولا استغلال للطبيعة. ثورة تضم في طريقها نضال الشعب الكردي ونضالات كل الشعوب المضطهدة في العالم. ثورة تحدث هنا في شمال وشرق سوريا ونحن في وحدات حماية المرأة فخورون بالدفاع عنها. تجربة عملية تعد وعدا للعالم. هذا ما نفعله بعد 100 عام من لوزان.

اليوم تدعي القوى أنها تحل الأزمة التي نعيشها باستخدام أدوات الموت مثل الدول القومية. في هذه الحالة، لا تصبح الأمة الديمقراطية اقتراحا فحسب، بل تصبح وعدا بالحياة لكردستان والشرق الأوسط وفي نهاية المطاف للعالم. وعلى حد تعبير بيريفان خالد، الرئيسة المشتركة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، “نعد اليوم نحن ضحايا معاهدة لوزان بالدفاع عن إنجازات هذه الثورة وجعل مشروع الأمة الديمقراطية مشروعا دوليا”.